السلام عليكم
تتمة
مبعث العزة ومصدر القوة
ومغرس الإيمان ومصنع الأبطال
أسماء بنت أبى بكر
كانت من أوليات من أسلمن، وقد رشحها أبوها لأخطر مهمة خلال هجرته فى صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكانت تقوم بدور المخابرات فتنقل أسرار الأعداء وتطورات موقف زعماء قريش فى بحثهم الحثيث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وكانت أيضا تقوم بدور التموين، فتحمل الزاد والشراب لهما
فجاء هؤلاء الزعماء إلى أسماء بعد خروج أبيها مع النبى مهاجرا وسألوها عن أبيها فأنكرت ،فلطمها أبو جهل لطمة أطارت قرطها ،واحتملت هذا الأذى فى سبيل الله .
وقد سجل لها التاريخ موقفها الرهيب الذى لا يعرف له مثيل فى حياة الأمهات
"لما دخل عليها ابنها "عبد الله بن الزبير" خلال ثورته على الأمويين فى الحجاز الذين أرسلوا إليه "الحجاج بن يوسف الثقفى" بجيش كبير لقتاله ،
فدخل على أمّه أسماء وقد انفض عنه أنصاره بعد قتال مرير وطويل ،فقال لها مستشيرا :
يا أماه ! خذلنى الناس!!
حتى ولدى وأهلى ،فلم يبق معى إلا اليسير من الناس ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعه ،والقوم – أى الأمويون – يعطوننى ما أردت من الدنيا ،فما رأيك ؟
فقالت:
أنت والله يا بنى أعلم بنفسك ، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له ،فقد قلت عليه أصحابك ..
وإن كنت إنما أردت الدنيا ،فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ،وأهلكت من قتل معك .
وإن قلت : كنت على حق , فلما وهن أصحابى ضعفت، فليس هذا من فعل الأحرار ولا أهل الدين أو كم خلودك فى الدنيا ؟!
القتل أحسن ،و الله لضربة بالسيف فى عزّ احب إلى من ضربة بسوط فى ذل .
قال : إنى أخاف إن قتلونى أن يمثلوا بى .
قالت : يا بنى : إن الشاة لا يضيرها سلخها بعد ذبحها .
وخرج عبد الله ،فقالت :
اللهم ارحم طول ذلك القيام بالليل الطويل ، وذلك النحيب والظمأ فى هواجر مكة والمدينة وبرِّه بامه ،
اللهم إنى قد سلمت فيه لأمرك ،ورضيت فيه بقضائك فأثبنى فى عبد الله ثواب الشاكرين .
ادن منى حتى أودعك ،فعانقته وقبّلته ،فوقعت يدها على الدرع .
فقالت : ما هذا صنيع من يريد ما تريد !!"
فنزعها وخرج يقول :
فلست بمبتاع الحياة بسبَةٍ *** ولا مرتقٍ من خشية الموت سلَماً .
وقاتل حتى قُتل وصلبه الحجاجُ .
فجاءت أمه بعد ثلاثة أيام -وهى طويلة عجوز عمياء
فقالت للحجاج:
أما آن للراكب أن ينزل ؟ فقال : المنافق ؟ قالت :والله ما كان منافقا كان صواما قواما بارََّا بأمه
فقال :انصرفى يا عجوز فقد خرفت
قالت : و الله ما خرفت منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فى ثقيف كذاب و مُبير
أما المُبير فأنت
فأقام الحجاج بجثمانه على الجذع
حتى أمر الخليفة بإنزاله
فأخذته أمّه فغسّلته بعد أن ذهبوا برأسه ،وذهب البِِلى بأوصاله ، ثمّ كفّنته وصلّت عليه ودفنته
وقالت : وما يمنعنى و قد أهدى رأس يحيى (النبىّ) إلى بغىّ من بغايا بنى إسرائيل !!
هكذا كان أول ما لُقنت المرأة من أدب الله و رسول الله صلى الله عليه وسلم ،الاعتصام بالصبر إذا دجا الخطب وادلهمّ المصاب .
فإن كان النساء كمن ذكرنا *** لفُضلت النساء على الرجالِ .
فما التأنيث لاسم الشمس عيب *** وما التذكير فخر للهلال .
يتبع