الرعاية الصحية

معلوم أن الجانب الصحي بالمؤسسات السجنية يقتضي منا بالضرورة تناول مجموعة من الجوانب المرتبطة به، حيث أن ظروف السجن لا يمكنها أن تتلاءم بأي حال من الأحوال مع الظروف العادية الخارجية، ولذلك فإن صحة السجناء سواء الجسدية أو العقلية معرضة للاختلال بصورة أكثر من المواطنين العاديين نظرا لظروف السجن وسلوك السجناء أنفسهم الذين يقدمون على إيذاء أنفسهم، هذا مع العلم أن الضغوط النفسية للسجين قد يترتب عنها أمراض جسمانية، إضافة إلى حوادث العنف بين السجناء والإضراب عن الطعام وحوادث الاعتداء الجنسي، ناهيك عن الحالات التي ترد على الطبيب والتي يتظاهر فيها السجين بالمرض مما يسيء إلى استخدام الرعاية الصحية.
و إذا كانت الخدمات الطبية في كثير من دول العالم لا تلبي رغبات الكثير من المواطنين العاديين نظرا لعدة عوامل اقتصادية مثلا، فلنا أن نتساءل هل يجب أن تكون الرعاية الصحية داخل السجون أفضل منها في المجتمع ؟
إن أهداف الرعاية الصحية تتحقق داخل السجون بأساليب متعددة منها ما هو وقائي ومنها ما هو علاجي.
الأساليب الوقائية:
إن الأساليب الوقائية للرعاية الصحية تشمل كل ما يتعلق بحياة النزيل داخل المؤسسة السجنية وتتمثل أساسا في مجموعة من القواعد الصحية والشروط التي ينبغي توافرها في مرافق المؤسسة، إضافة إلى النظافة الجسدية للسجناء ونظافة ملابسهم ولوازم أسرتهم، إلى جانب نوعية التغذية وكميتها.
الأساليب العلاجية:
تشمل هذه الأساليب فحص النزلاء وعلاج الأمراض التي ألمت بهم سواء قبل اعتقالهم أو أثناء تواجدهم بالمؤسسة السجنية، سواء كانت تلك الأمراض عضوية أو نفسية.
و في هذا السياق فقد أوجب القانون المنظم للسجون في المغرب ما يلي:
- توفر كل مؤسسة سجنية بالإضافة إلى مساعدين طبيين على طبيب واحد على الأقل يكلف بالعمل بها إما بصفة دائمة أو بصفة منتظمة، وتتم الاستعانة بأطباء متخصصين أو بمساعدين طبيين باقتراح من طبيب المؤسسة وذلك لتقديم مساعدتهم لفحص وعلاج المعتقلين.
- توفر كل مؤسسة سجنية على مصحة مجهزة بتجهيزات لا تقل عن التجهيزات الموجودة بمستوصفات القطاع العام، للتمكن من تقديم العلاجات والإسعافات المناسبة للمرضى، ومن تخصيص نظام ملائم لحاجات المعاقين والمصابين بأمراض مزمنة، ومن عزل المصابين بأمراض معدية.
ولأجل تحقيق هذه الغاية، بادرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى توظيف 69 طبيبا قارا منهم 48 طبيب في الطب العام و 21 طبيبا للأسنان. إذ أصبحت تشكل نسبة الأطباء داخل السجون طبيب لكل 1233 سجين في حين نجد أن المعدل الوطني هو طبيب لكل 5000 مواطن دون احتساب أطباء القطاع الخاص.
ولقد جاء قانون 98/23 لينيط بطبيب المؤسسة مسؤولية كبرى بحيث أن دوره أصبح لا ينحصر في فحص وتشخيص الأمراض وعلاجها، بل تعداه ليشمل رعاية النظافة بجميع مرافق المؤسسة ومراقبة المطبخ والعاملين به بصفة دورية، إضافة إلى جودة المواد الغذائية كما له أن يبدي رأيه في توزيع المعتقلين داخل المؤسسة وإخضاع البعض منهم لنظام العزلة إن تطلبت حالتهم الصحية ذلك. ولقد شمل الفحص خلال سنة 2004 : 265805 معتقلا منهم 15054 معتقلة.
أهم الأمراض التي يصاب بها نزلاء المؤسسات السجنية نجد:
- الأمراض العقلية والنفسية.
- أمراض الجهاز الهضمي.
- الأمراض الجلدية والتناسلية.
- أمراض الجهاز التنفسي كالربو والسل.
- أمراض القلب.
وفي مجال محاربة الأمراض المعدية والوقاية منها عملت المندوبية العامة بتعاون مع وزارة الصحة على وضع برنامج لاستفادة المعتقلين من جميع الحملات الوطنية للتلقيح ضد الأوبئة كالتهاب السحايا والكزاز والشلل بالنسبة للأطفال المرافقين لأمهاتهم، كما تنظم حملات للكشف الإشعاعي عن داء السل داخل المؤسسات السجنية، وللحيلولة دون انتشار هذا الداء عمدت الإدارة المركزية إلى إنشاء مختبرات داخل 12 مؤسسة سجنية تحت إشراف المراكز الصحية الإقليمية للكشف عن المشكوك في إصابتهم وإخضاع المرضى منهم للعلاج، كما تم تكوين ممرضين تابعين للمؤسسات السجنية للإشراف على هذه المختبرات.
وأخيرا يتضح أن القانون المنظم للسجون بالمغرب جعل الرعاية الصحية للسجناء ذات أهمية كبيرة، حيث جعلها لا تقل أهمية عما هو موجود في المجتمع خارج السجن، لكون السجين يستفيد من جميع الخدمات الصحية التي توفرها وزارة الصحة للمواطنين إضافة إلى الخدمات الخاصة لأطباء المؤسسات السجنية.